اماطين مركز مصراته القديم


إماطين اسم مكان في مصراته يشكل اليوم مركز مدينة مصراتة، كانت به عدة قرى منها قرية معروفة بنفس الإسم، ويرجع تاريخ إماطين إلى أكثر من خمسمائة عام . واسم إماطين محور عن الإسم الأصلي الأمازيغي المكون من مقطعين هما:
 أمان: وتعني الماء في الأمازيغية لغة هوارة، تين: وتعني البئر في لغة هوارة .
 والتحوير الذي طرأ على الإسم الأصلي ليصبح إماطين هو كسر الهمزة للإمالة وحذف النون وإبدال التاء طاء، وكسر الهمزة للإمالة من خصائص لهجة سكان مسراتة التي ترجع أصولها إلى لهجة قيس من سكان الحجاز، أما النون فقد حذفت لتخيف وأما إبدال التاء طاء فهو عادة عند العرب، ومعرفة أصل الإسم تفسر تعدد صيغ نطق الإسم وكتابته والتي منها إماطين والمواطين والمواطنين، وإن كانت إماطين هي الأكثر تداولا بين السكان. وقد كانت في بداية العهد العثماني الثاني قرية صغيرة تتكون من منازل قليلة يعقد قربها سوق إسبوعي يعرف بسوق الأحد، ثم توسعت حتى تحولت إلى بلدة في نهاية العهد العثماني، ثم صارت اليوم مركز مدينة مصراتة، وكان حول قرية إماطين في العهد العثماني الثاني أربعة قرى تقع اليوم كلها داخل مدينة مصراتة وهي:-
ا- قرية الكوافي: كانت تقع غرب قرية إماطين ويفصلها عنها أرض زراعية تزرع بالشعير، ظلت على حالها دون بناء إلى أواخر الستينات.
 ب- قرية المقاوبة: كانت تقع شمال قرية إماطين واتصلت بها في أواخر القرن التاسع عشر من الجهة الشمالية الشرقية قرب جامع الشيخ امحمد بن عبد العزيز بن إسماعيل ثم يفصلها عن قرية إماطين كل من مقبرة السدرة وأرض فضاء ظلت على حالها دون بناء إلى أواخر الستينات من القرن العشرين.
ج- قرية الدرادفة: كانت تقع في شمال شرق قرية إماطين حول الجامع العالي، ثم اتسعت قرية الدرادفة حتى اتصلت بقرية الشرفا، كما اتصلت بقريتي المقاوبة وإماطين في شمال جامع الشيخ امحمد بن عبد العزيز بن إسماعيل الذي لا يبعد عن الجامع العالي إلا مائة متر.
 د- قرية الشرفا: كانت تقع شرق إماطين، وقد اتصلت بها وبقرية الدرادفة في أواخر القرن التاسع عشر، ومكان القرية الآن بجوار مبنى بلدية مصراتة من الناحية الشمالية.
 وشهدت إماطين خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر توسعا نتيجة سعي إحدى العائلات المقيمة بها، حيث بدأت تشهد ازدهارا اقتصاديا وحركة عمران، واشترت أراضي بإماطين وأقامت عليها سوقين وثلاثة فنادق تجارية ومقهيين لا يزال بعضها قائما مثل سوق اللفة(السجاد). وكانت تلك المباني نواة الأسواق والمباني التجارية التي أنشئت في إماطين بعد ذلك، وقد تعززت هذه البداية ببناء قصر(سراي) الحكومة بإماطين في عهد الوالي أحمد راسم باشا معززاً مكانة إماطين بجعلها مركز قضاء مصراتة إلى جانب أنها مركز تجاري لمنطقة مصراتة والمناطق المجاورة،ولذلك زاد العمران فبنيت خمسة فنادق وتم افتتاح مدرسة ابتدائية بتبرعات الأهالي. 
 خلال ذلك العهد توسعت أسواق إماطين وتخصص كل سوق بسلعة محددة، وعرف كل سوق باسم اشتق إما من اسم السلعة التي تباع فيه مثل: سوق العطارة, وفندق الزيت, وسوق اللحم, وفندق الفضة، أو من أسماء العائلات التي شيدتها ومارست بها نشاطها التجاري وكان أشهرها فندق قنابة, كما عرف بعضها بمسميات أخرى مثل فندق الكرمة، كما بني إلى جانب الأسواق والفنادق محلات تجارية بعضها كبيرة(مغايز) وأخرى صغيرة(دكاكين)، بالإضافة إلى الأسواق المفتوحة في الساحات مثل: رحبة السعي(الغنم), ورحبة الحطب
 وعرف السوق باسم سوق الأحد نسبة إلى يوم الأحد الذي ينعقد فيه والذي يقدم فيه سكان مصراتة والمناطق المجاورة إلى إماطين للتسوق أو لبيع ما لديهم . ويرجع سبب تسمية إماطين بمدينة مصراتة إلى الدوائر الحكومية في الدولة العثمانية ثم في زمن الاحتلال الإيطالي عندما وضعت هذه التسمية في الأوراق الصادرة عنهما للإشارة إلى إماطين، فأصبح الإسم دلالة على المكان، ولكن لم يختفي إسم إماطين من التداول اليومي عند السكان إلا مع نهاية السبعينات من القرن العشرين واستعيض عنه بكلمة السوق أو المدينة أو مصراتة المركز، وإن كان الإسم بقي حيا لدي كبار السن.

الكاتب : محمد حسن المنتصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق